مقالات

حايك لـ«المستقبل»: ننتظر الصافرة الحكومية لنبدأ مشاريعنا

رائد الخطيب


رائد الخطيب

بعد مضي عشر سنوات، أقرت حكومة الرئيس سعد الحريري «Ù‚انون الشراكة بين القطاعين العام والخاص»ØŒ وهي لم تتخط بذلك المدة المعهودة في الدول الراقية والتي تحتاج الى مثل هذا الوقت نظراً لحساسية قانون مثل هذا غير عادي، ولاسيما أن لبنان، في مجمل الصفقات العمومية التي يبرمها يلجأ في 99 في المئة منها الى دائرة المناقصات. بعد اقرار هذا القانون، سيكون المتبقي اي نسبة 1 في المئة من هذه الصفقات خاضعاً لقانون الشراكة، كما يقول الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة زياد حايك، الذي يرى أن هناك «ÙƒÙ„اماً عن موضوع الشراكة هدفه التضليل وتشويش الرأي العام».

في مكتبه من السراي الحكومية، يتحدث لـ«Ø§Ù„مستقبل» حايك الذي كان يتابع عن كثب تطورات وتغيرات وملامح هذا القانون على مدى السنوات العشر والذي بات بفعل القانون الجديد الأمين العام للمجلس الأعلى للخصخصة والشراكة، بعد تغيير اسم المجلس واضافة الشراكة اليه. يقول حايك ان تغيير الاسم كان منطقيا «Ù„أن الشراكة ليست خصخصة، بل انها تختلف عنها، وهناك أناس يظنون الشراكة بأنها خصخصة لايت. وهذا يعني أن المجلس سيأخذ مشاريع على أساس الشراكة وليس على أساس الخصخصة. فقانون الخصخصة رقم 228 عرف هذه الالية بانها خصخصة المشروع العام كلياً أو جزئياً أو خصخصة ادارتها كلياً أو جزئياً، أي لم يكن هناك ما يتعلق بمفهوم الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وبقيت مبهمة وكأنها خصخصة الادارة. وهي لم تكن دقيقة لأنه يمكن خصخصة الادارة عبر عقد ادارة، وهو العقد السائد في الدولة اللبنانية، حيث أن القطاع الخاص عبر هذا العقد لا يتحمل أي نوع من أنواع المخاطر كما هي الحال في ما يتعلق بعقود الشركات الهاتفية التي هي عبارة عن عقود ادارة. أما في الخصخصة الكلية، فان القطاع الخاص هو من يتحمل كل المخاطر. أما في عقود الشراكة بين القطاعين العام والخاص، فهي عقود ما بين عقدي الادارة وبين الخصخصة، اي انها المشاريع التي تتشارك فيه الدولة مع القطاع الخاص في ادارة المخاطر، وتكون الشراكة هنا شراكة في المخاطر فقط».

أضاف حايك «Ù…ثلاً الدولة حين تلزم انشاء معمل كهرباء تتحمل كل المخاطر لأنها تشتري المعمل من القطاع الخاص. اما في الشراكة بين القطاعين العام والخاص لا تشتري الدولة المعمل بل الطاقة الكهربائية، ولا يهم هنا كيفية انشاء المعمل أو المدة التي سيأخذها بل التعاقد هو للحصول على الكهرباء. ومن هنا، فان علاقة الدولة في حال الخصخصة هي مع القطاع الخاص، اما في الشراكة، فتظل علاقة المواطن مع الدولة التي لا تتخلى عن دورها، وتلجأ الى القطاع الخاص حين تكون لديه ميزات تفاضلية للدولة وليست للمواطن، وبالتالي فإن علاقة القطاع الخاص في الشراكة هي مع الدولة وليس مع المواطن».

لا يرى حايك أن قانون الشراكة قد تأخر مدة طويلة، ويقول «Ø¨Ø¹Ø¯ مضي نحو سبع سنوات ونصف السنة على هذا المسار الطويل، كنتُ أتحدث مع نائب وزير المالية في فرنسا، وقلتُ إن مشروع قانون الشراكة مضى عليه هذه المدة ولم يُقر بعد، وكان جوابه أن اقرار قانون الشراكة في فرنسا تطلب نحو 10 سنوات، وعندما نتخطى العشر سنوات عندها يمكن التحدث، وبالفعل تطلب الأمر في لبنان عشر سنوات، خصوصاً ان هذا القانون غير سهل تمريره بسرعة. هناك بعض الناس تقارب هذا الموضوع كما تقارب بعض الصفقات العامة العادية، ويصعب عليها ان ترى الفائدة من قانون الشراكة ولماذا يكون هذا القانون، وكيف نعمل به، والآن مر القانون وحكماً سيبدأ العمل».

وعن الفارق بين الصفقات العمومية العادية وتلك التي سيقوم بها المجلس الأعلى للخصخصة والشراكة، قال حايك «Ø³Ø§Ø¨Ù‚اً لم يكن هناك قانون تشريعي لكيفية اجراء الصفقات، وكانت تتم على أساس أنها صفقة كما الصفقات العمومية، وتطبق عليها طرق التلزيم نفسها وكانت هناك دفاتر شروط ومهل زمنية، وكان الكثير من الاستنسابية وقلة معرفة في كيفية تلزيم المشاريع. نحن بحاجة الى خبراء في هذه المواضيع، ولا نستطيع القيام بمشاريع دفاتر شروط تؤدي الى عدم اتمام المناقصة. هناك الكثير من المشاريع في الدولة لم تستطع تلزيمها أو تم تلزيمها ومن ثم ظهرت مشكلات حولها، ومن هنا فان قانون الشراكة لديه هدفان، الأول تأمين الشفافية في عمليات التلزيم، والثاني تأمين المهنية في هذه العملية».

ويعتبر حايك أن «Ø§Ù„كثير من الناس يعتبرون أنه الآن من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، قد فتحنا باب الجشع للقطاع الخاص، وهذا أمر غير صحيح، ونحن لا نغير بالوضع الذي كان سائداً من قبل، نحن نقوم بوضع اطار لعمليات التلزيم كي لا تكون هناك استنسابية، وأن تكون مهنية واطار للشفافية فيها، أي أننا نضع معايير للتلزيم ولا نضيف جديداً سوى ما قلته في عملية الشراكة».

وحول ضمان المخاطر، يلفت حايك الى أن التفاوض والشراكة في عمليات التلزيم هو على تقاسم المخاطر، وكيفية الحد منه سواء عن طريق بوليصة التأمين أو حساب يقبض منه القطاع الخاص، أو عبر ايداع في البنك الدولي، الشراكة تعني التفاوض على هذه المخاطر ومن يستطيع أن يحد منه، في حين أنه في التلزيم العادي كله محدد الا السعر فقط.

وعن المشاريع التي ستنفذ وفق قانون الشراكة، قال حايك «Ù‚انون الشراكة سيتوجه بمشاريع الى كل القطاعات، ومن يقرر هذه المشاريع هو المجلس الأعلى للخصخصة والشراكة الذي يرأسه رئيس الحكومة ويضم وزراء المالية والعدل وزير العمل وزير الاقتصاد، والوزراء المختصين بحسب المشاريع المقدمة، والحكومة هي من تقرر أولويات المشاريع. ونحن في أول مرحلة لا يزال فريق عملنا صغيراً ونحن نتوقع بدء عملية المأسسة للمجلس قريباً، خصوصاً بعد اقرار القانون ولا نستطيع أن نعمل الآن على الكثير من المشاريع. وطبعاً سنعمل على نحو 3 مشاريع في المرحلة الاولى، ودورنا هو مساعدة الوزير ولا سيما الوزارات المهتمة بالتعاون مع المجلس في هذا الموضوع. أما في ما يخص مشاريع البلديات فالقانون واضح لجهة اعطائها صلاحية انشاء المشاريع واقتراحها، وهي تلجأ الينا في حال رغبت بمساعدة المجلس لها. ونتوقع أن يتطور العمل مع بداية العام المقبل».

هل ستلغى دائرة المناقصات؟ يضحك حايك ويقول «Ø£Ø¨Ø¯Ø§Ù‹ 99 في المئة من المناقصات التي تقوم بها الدولة هي مناقصات عمومية عادية وتمر عبر دائرة المناقصات، ونحن عبر قانون الشراكة نستثني فقط 1 في المئة التي تعتبر ذات طبيعة خاصة، لها علاقة بتقاسم المخاطر لها علاقة لها بالسعر، وهو يحتاج الى مقاربة مختلفة ويحتاج الى أخصائيين بالأمر، وهذا موجود في المجلس الأعلى. أما في ما يتعلق بالرقابة، فإن كل المشاريع التي لها علاقة بالدولة، تخضع للرقابة في الدولة ومنها الرقابة المسبقة وأو نوع من الرقابة المؤخرة كما هو حال المجلس الأعلى للخصخصخة والشراكة».

لا يرى حايك أن التكاليف ستزيد في المناقصات أو الصفقات التي ستمر بقانون الشراكة، ويقول «ÙÙŠ الحقيقة نحن نفاوض على تقاسم المخاطر والتي لها تأثير مباشر على الأسعار، فاذا قلنا للقطاع الخاص أنت لا تأخذ هذه المخاطر ونحن نأخذها، سيعطيني سعراً، واذا قلت له خذ كل هذه المخاطر أيضاً سيعطيني سعراً مختلفاً. في المناقصات العادية لا نحمل الفريق الآخر أي مخاطر ونحن نتحملها، حينها أفضل أن يكون التمويل من الدولة. فتكلفة الدولة من الاستدانة هي أقل من التكاليف التي يتكبدها القطاع الخاص، حين يستدين أو يستثمر رأسماله، وهو ما يعني أن تكلفة التمويل في المشاريع المشتركة، ستكون أعلى من تكلفة التمويل حين تقوم الدولة هي بتمويل المشروع. لكن القصة لا تقف هنا فقط بل القصة تتعلق أكثر بالمخاطر، وحين نقوم بعملية تقويم فعلي وواقعي للمخاطر، تصبح الدولة أغلى على المواطن، من مشروع الشراكة بين القطاعين العام والخاص، وإلا لما كانت اي دولة في العالم تقوم بمشاريع شراكة... اذا قمنا بعملية شراكة، فنحن فعلياً نوفر حين نتقاسم المخاطر، نحن هنا في هذه الحالة لا علاقة لنا بالتأخر أو بالغلاء أو ما شابه من الامور التي تؤدي الى ارتفاع السعر. فمثلاً اذا أخذنا شراكة في بناء معمل كهربائي، فالدولة لا تسدد الا حين تتسلم الكيلوات ساعة. كذلك، فهناك أناس سيقولون إنه ستكون هناك تكاليف من خارج الموازنة او اننا سنضع المبالغ لاحقا في الموازنة السنوية كجزء من الدين العام على الدولة، وهذا امر غير صحيح. فالمادة 14 من قانون الشراكة تقول إن اي مشروع يجب ان يكون من الموازنة. وهذا الكلام تضليلي هدفه التشويش على الرأي العام».

يعتبر حايك أنه من الظلم اتهام المصارف بأنها كانت وراء اقرار قانون الشراكة لتسييل ما لديها من ودائع. يقول «Ù†Ø­Ù† خلال عشر سنوات جميعنا من مصارف وهيئات اقتصادية وتجار وأحزاب سعينا الى اقرار هذا القانون وليس المصارف وحدها، ولم يكن العمل سريعاً، وهذا المسار تراكمي، وكل شخص يعلم تماما باهمية الشراكة هو من كان يطالب باقرار القانون».

اضاف «Ø§Ù„دولة متواجدة في كل تفاصيل المشروع فهي من يضع دفاتر الشروط التي يوافق عليها مجلس الوزراء، لكنها تستعين بقدرات القطاع الخاص وتتقاسم معه المخاطر».

ويشرح حايك نوعية العقود فيقول «Ù‡ÙŠ عقود شراكة في المخاطر في طبيعتها العملية، اما في طبيعتها القانونية فهي عقود ادارة، لأن الدولة طرف في هذا العقد. وأما طبيعتها التمويلية فلها أسماء عدة: BOTØŒ BOOØŒ DBOTØŒ وغيرها. هناك الكثير من التسميات بحسب الهيكلية المالية، وهي بأجمعها تسمى عقود شراكة. ونتوقع أن يكون أول عقد شراكة بانتظار توجيهات الحكومة، ولدينا لائحة بمجموعة من المشاريع، ونحن نترك ذلك للرئيس الحريري ليفصل هذه الامور».

مسعد: قانون الشراكة نقطة تحول إذا طبّق بشفافية

دعا رئيس مجلس الاعمال اللبناني العماني شادي مسعد «Ø§Ù„Ù‰ الافادة من قانون الشراكة بين القطاعين العام والخاص الذي أقره المجلس النيابي اخيرا، لاطلاق ورشة من المشاريع لاعادة تأهيل وتطوير البنى التحتية في الدولة»ØŒ معتبرا في تصريح «Ø§Ù† القانون ببنوده يصلح ليكون قاعدة صلبة لجذب الاستثمارات الداخلية والخارجية، شرط ان يتم تطبيقه على قاعدة الشفافية، وإبعاد مبدأ المحاصصة عن المشاريع التي سيتم طرحها».

ولفت «Ø§Ù„Ù‰ ان مالية الدولة بوضعها الراهن عاجزة عن تخصيص اموال كافية لتنفيذ مشاريع استثمارية في قطاع الخدمات مثل الكهرباء، الاتصالات، المياه، المواصلات. في حين ان الاموال المكدسة في المصارف اللبنانية جاهزة لدخول معترك الاستثمارات المجدية في مشاريع البنى التحتية».

واعلن «Ø§Ù† استخدام الاحتياطي المالي في المشاريع الاستثمارية في قطاع الخدمات، يعود بالفائدة على المواطن وعلى الاقتصاد الوطني ويحرك الدورة الاقتصادية الراكدة منذ اربع أو خمس سنوات»ØŒ مشيرا الى ان «Ø§Ù„قانون يمكن ان يكون بمثابة نقطة تحول في وجهة الاقتصاد في حال تم الالتزام بتطبيق مندرجاته بشفافية هي الاساس في نجاح او فشل القانون في النتيجة».