الأخبار

هل انهار حصن الجمهوريّة؟

كتب المحامي الدكتور انطوان صفير لموقع mtv:



والقول قول الحق وبعيداً عن التفاؤل المزيّف غير المستنِد على واقعات وأرقام ومعطيات، فقد تهاوت معالمُ لبنان الكبير المُعلن لمئة عامٍ خلت، بعد جهادٍ دامَ قروناً، وكلَّف شهداءً وشهوداً.

والمعالم المتهاوية للبنان الكبير والتي وطّدتها جمهورية الميثاق والصيغة، تتمثل في تراجع دور المؤسسات الدستورية كمجلس الوزراء، بحيث اعتدنا على غياب السلطة الإجرائية أكثر من حضورها الفاعل... إذ بين الحكومة المستقيلة والحكومة الجديدة، ننتظرُ أشهراً طويلة، والكلفة كبيرة في الإقتصاد والإنماء والإنتاج.

وها نحن ننتظر حكومةً ربما لن تأتي في العاجل..!

رغم أننا لم نعد نمتلكُ ترف الوقت والقدرة على تحمّل التفتت الوطني على مختلف الصعد والمستويات...

والأدهى هو ترنح دور المؤسسات الموازِنة كالتفتيش المركزي وديوان المحاسبة... مع مئات القرارات التي تصدر... ولا من يكترث ولا من يُحاسِبُ ولا من يُحاسَب.

أمّا بعد، فقد كُسِرَت هيبة القلعة المصرفية بعد أكثر من سبعين عاماً على قوانين السريّة المصرفية والنقد والتسليف وإنشاء المصرف المركزي.

وامتدّت اليد الى الأموال العامة والخاصة... ولا من يطرح حلاً معقولاً في ظلِّ كمٍّ من الخطابات التافهة التي لا تجدي، بل تسعى للتغطية على الإرتكابات والإرتهانات والإنتكاسات والوعود الكاذبة.

نعم، لقد سقط حصن الجمهورية في 13 نيسان ١٩٧٥، وهوت الثقة مع تمنّع المصارف في ظلّ نظام ليبيرالي، عن إعطاء المودعين أموالهم وأكثر!

وانحدر، كي لا أقول اندحر منطق العدالة والعدالة الإجتماعية وسمعنا بملفات مُنوعّة ولم نرَ مرتكباً يحاكم... أو سياسياً يُلاحق... أو موظفاً يعيش كمافيات القرون الماضية، تنزع ملكياته الآتية من مصادر غير مشروعة.

وها قانون الإثراء غير المشروع يُعدّل من دون أن يصل الى الحلول الحاسمة.

وإذا لم يعتمد التدقيق الجنائي في مصرف لبنان ويعمم على المصارف والمؤسسات العامة والصناديق، وتستعاد الأموال المسروقة والمهدورة والمحوّلة والمشكوك بشرعية مصادرها... فلا مجال لغدٍ أفضل ولا داعي للحلم بلبنان آخر، لأنّ حصن الجمهورية يكون قد سقط الى غير رجعة.

وليس للوصول الى هذا المنحدر عشنا كابوس الحرب وقبلنا على مضض طبقة البزنس السياسي بعد 2005... والآتي في كل الأحوال سيكون أخطراً وأعظماً.